الجمعة, 25 مارس 2022 11:37 مساءً 0 320 0
يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين " /
يوميات من قريتنا الحبيبة

يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين " /

السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
==============
((( ليلة تسريرة العروس - هديتنا للعروسة و نحن تلاميذ صغار - تعقيد وربط و تشبيك طرح الأمهات - لنزة عمك حميدة كريم هيسة - طيارة الأسطى حسين )))
هذه بعض ذكرياتنا من يوميات قريتنا الحبيبة " أبو سكين " نرويها للأجيال كي يكون فيها تواصل بين القديم و الحديث في أصالة هكذا ٠٠
* ليلة تسريرة العروس :
------------------------------
نتذكر تسريرة العروسة حيث تجلس في ليلة الحنة بفستان أخضر نايلون شفاف تحته تلبيسة قميص قماش فاتح ٠٠
و في ليلة التسريرة تجلس في ( الكوشة ) و هى عبارة عن كنبة عليها كرسي خيزران و خلفها ملاءة سادة منصوبة بين جريدتين من سعف النخل الأخضر معلق بها بلونات ملونة ٠٠
و بجوارها تقف ( الماشطة ) تزينها وتظبطها طول الوقت تعمل لها خصلة شعر على القورة و ميال به بنس شعر على جنب متدلي إلى نهاية الاُذن و برنيطة مثل الشمسية على الرأس به ورود ملونة من الورق و تلبس فستان نايلون ماء بطيخي مثل الموف و في يديها شنطة ٠٠
حيث يلتفون حولها المداعي و الأقارب يغنون أغاني شعبية وبدوية و يدقون على الطشت و يزرغدون ٠٠
و من خلفهن تقف قريبة العروس و على رأسها طاجن بيه نار و شبة و ملح ٠٠
و في وسطها حزام من لوية القش المفتلو و معها ملح كل فترة ترش الملح على رؤوس الناس لمنع العين و الحسد ٠
و يقوم الناس بتقديم ( النقطة ) للعروسة و هى جالسة في الكوشة ٠
ثم تنزل من على المنصة تغير الفستان و تستريح نصف ساعة ثم تبدل الفستان و تجلس مرة أخرى تنتظر العريس كي يلم الصدر ٠٠
و يأتي العريس و معه أصحابه وسط نور الكلوب الذي يحمله فرد من القادمين ٠
و هو يلبس بالطو صوف تفصيل يشتريه أو يستلفه من بعض الأصدقاء بمثابة البدلة اليوم ٠
و معه خيط يعلق فيه قطع نقود ورقية فئة العشرين جنية و العشرة جنية حوالي عشرة قطع و يطوق صدرها مثل القلادة بجوار هنانية و أمجار من الذهب المدور و يسمى هذا ( لمة صدر العروسة ) هدية نقدية ٠
* هديتنا للعروسة و نحن تلاميذ صغار :
------------------------
و كنا نأتي بعد لعب الكرة عصرا و نتجمع و نفكر بقص رسومات الفلوس المصورة في كتاب المدرسة لمادة الحساب الورقية فئة خمسة قروش و عشرة قروش و ربع جنية ورق و نصف جنية و جنية و خمسة جنية و عشرة جنية ثم نقصها و نشتري عدة أظرف جوابات و نضع فيها هذه الفلوس المصورة من الكتاب و على ظهرها كتابات ٠٠
و كل واحد يصعد يسلم العروسة ظرف و تضعه في شنطة اليد على اساس نقطة بصحيح مثل الكبار وذلك في جزء التسريرة الأولى
و حينما تنزل تغير الملابس يفتحون الشنطة يجيدون الفلوس ورق من كتاب الحساب فيتربصون بنا ٠٠
و نريد أن نكرر النقطة مرة ثانية في الجزء الثاني من التسريرة - بتصرف منا غبي - فيقومون بمطاردتنا بالعصا من الحطب لأننا خدعناهم وضحكنا عليهم ٠٠
* تعقيد وربط و تشبيك طرح الأمهات :
----------------------------
تتجمع أمهاتنا الكبار يلبسن (طرحة سمراء طويلة ) ٠
و أخواتنا البنات يلبسن ( غطفة سوداء مثل الخمار )
فنتسلل خلسة بين الأمهات بتعقيد وربط طرف الطرح في بعضها فعندما تريد الواحدة ان تتحرك يمنة أو يسرة ، تنفك الطرحة وتسقط من على رأسها فينكشف شعرها الأبيض ٠٠
فتقول:
( يا دي الفضايح يا ولاد ٠٠ !! )
ونحن نضحك ونقول :
ابن فلان الذي شبك الطرح في بعضها ٠
*طيارة الأسطى حسين :
------------------------------
كان الأسطى حسين مكانيكي من قرية الكراكات مركز بيلا يسكن في منزل عمك الشيخ الدهراوي ٠٠
و كان يصنع قطع الغيار البدائية ويصلح الجرارات الزراعية الروسي و ماكينة الطحين مقابل كيلة أرز شعير ٠٠
و عنده فيسبة صغيرة أقدم موديل تسمع فرقعة صوتها مثل الطائرة النفاسة في الجو ٠٠
وطول اليوم و الليل مشغول بقطع الحديد يخترع و يبتكر ويحل و يركب ولا يكلف أصحابها عناءً قط ٠
و قد صنع طائرة ورقية و زينها و ركب لها بطارية حجر طُرش و عمل لها نور وطيرها في أعماق السماء و نحن من حوله نجلس في جرن عمي حميده أبو كريم هيسة - وهو ابن عمتي - و صاحب ماكينة ري و لنزة و عنده أراضي زراعية و كان عمي الأسطى حسين الأسطى الخصوصي له ، بل و الخبير المكانيكي لشؤونه حيث يوفر له كافة الإصلاحات ٠٠
و عندما طارت طيارة الأسطى حسين ظهرت في كبد السماء ليلا و كأنها " قمر صناعي " أو نجم جديد أبهر الناظرين و كنا ساعتئذ بعد حرب ٦٧ أبان حرب الاستنزاف مما شكل ضوء طيارة الأسطى حسين خطرا على رادارات القوات المسلحة حيث كانت توجد قاعدة عسكرية في قرية ٧ و قرية ٨ المعمورة تحت قيادة العقيد حسن القصاص و كان من برج البرلس و أيضا تم رصدها من قاعدة القربة بخاشعة بلطيم البرلس و كتيبة صهريج أبو سكين العسكرية تضع منظار أعلى الصهريج خوفا من استهدافه و كان بمثابة نقطة برج ملاحظة عالية ، و تجمعوا القادة العسكريين ذات مرة و أتوا جرن عمي حميدة كريم كي يبحثوا هذه الظاهرة المرصودة و تجمعنا من حولهم واسقطوها وحذروه أن يعود تارة أخرى ٠٠
و من ثم لم نعد نشاهدها ليلا او نهارا ٠٠
واخذنا نعمل طيارات ورقية صغيرة في النهار مثل طيارة الأسطى حسين تقليدا ٠
* لنزة عمك حميدة كريم هيسة:
-----------------------------
و اللنزة شبه الجرار الزراعي أبر قباقيب حديد و كان الأسطى حسين يفكها في طشوت نحاسيةو يغسلها بالجاز و يركبها و يدورها بشد الحبل ٠٠
وكانت مزعجة ترج الأرض مثل الدبابة ٠٠
و كانت الأمهات تقول : بتبوظ رقد البيض و تموت الكتاكيت و البط من شدة الهز ٠٠
كنا نذهب نشاهدها و هى تدخن و ترعد منظر مرعب ٠٠
حتى صارت مثل نقول : على كل واحد ضخم أو دمه واقف ٠٠ عامل زي لنزة عمك حميدة أبو كريم ما يفهمهوش إلا الأسطى حسين من باب المداعبة و التفكه ٠
و لا يستطيع أحد أن يدورها و يصلحها إلا عمك الأسطى حسين العبقري ٠
و ظل عمك حسين يمارس صناعته وهوايته وهو جالسا بعد أن تقدم به السن ٠
ثم غادر القرية إلى مسقط رأسه ورحل وذهب الكثير من عارفي فضله في العزاء و بعد موته بعدة سنوات لم تستطع زوجته وأسرته فراق قريتنا (عيش و ملح )فرجعوا مرة أخرى و سكنوا معنا في حب وسط الحارة التي تربوا فيها من قبل ٠٠
هذه فصول من يوميات قريتنا الحبيبة أبو سكين ٠
٠٠٠٠٠
هذه كانت بعض الذكريات التي تظل عالقة في الذكراة ٠٠
مع الوعد بذكريات تواكب شهر رمضان إن شاء الله
سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين " /

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق