الخميس, 10 يونيو 2021 08:10 مساءً 0 365 0
سليمان الجاسر الحربش يسأل.. من يحمي أجندة الفقراء في جلاسكو؟
سليمان الجاسر الحربش يسأل.. من يحمي أجندة الفقراء في جلاسكو؟

نشرت في عدد سابق مقالا بعنوان «من يكتب أجندة الفقراء» ضمن سلسلة مقالات كتبتها خلال فترة الإعداد لانعقاد قمة العشرين في مدينة الرياض، وقلت في ختامها «لعل القائمين على إعداد أجندة قمة العشرين يوافقونني على أن أجندة الفقراء لا يجيد صياغتها الا من يعرف الأبعاد الحقيقية للفقر ومن أهم أوجه فقر الطاقة وضرورة اجتثاثه كما طرحته المملكة على قمة اوبك الثالثة التي استضافتها في الرياض في شهر نوفمبر 2007» وقد حظي هذا المطلب العادل بمكانة في بيان وزراء الطاقة في قمة العشرين، فما الذي أعاده إلى صدارة الأحداث؟

خلال هذا الشهر صدر تقريران مهمان فيما يخص الطاقة بشكل عام وفقر الطاقة بشكل خاص:
التقرير الأول صدر من وكالة الطاقة الدولية بعنوان: «صفر انبعاثات في عام 2050» لب التقرير يقول: إن تحقيق صفر انبعاثات في عام 2050 ممكن في ظل فرضيات ثلاثة:

إيقاف التنقيب كلية عن الوقود الاحفوري.

 التعاون الدولي.

 تغيير أنماط الحياة والتحول الكامل للطاقات المتجددة.

وواضح أن كل شرط أصعب من الثاني.
والمؤلم المضحك أن الفرضية الثالثة إذا طبقناها على الدول الفقيرة تذكرنا بما ينسب (صدقا أو كذبا) لماري انطوانيت عندما قالت عن الشعب الفرنسي الجائع: «ان لم يجدوا خبزا فليأكلوا البيسكويت». والتقرير مليء بالأحلام التي حدت بالأمير عبدالعزيز أن يطلق على الفور نقده اللاذع الذي تناقلته وسائل الإعلام، أخطر ما في التقرير انه أعد لمساعدة الحكومة البريطانية في إدارتها لمؤتمر الأطراف السادس والعشرين الذي سينظر في ماتحقق من خطوات بعد اتفاق باريس الشهير أي أن التقرير هو الورقة الأساسية في المؤتمر الذي تستضيفه المملكة المتحدة في جلاسكو نوفمبر 2021.
أما التقرير الثاني فهو متابعة لما تحقق نحو تنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة وهو الطاقة للجميع وقد صدر برعاية خمس جهات هي: الأمم المتحدة، والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ووكالة الطاقة المتجددة ووكالة الطاقة الدولية، ومناصرة عدة جهات بلغت حوالي أربعين مؤسسة من بينها البنك الإسلامي وغاب عن القائمة صندوق الأوبك الذي كان في مقدمة من وضعوا فقر الطاقة على أجندة التنمية المستدامة.
ويوضح التقرير ان هناك تقدما بسيطا نحو تحقيق الهدف لكنه بطيء فقد انخفض عدد المحرومين من الكهرباء من 1.2 مليار نسمة في عام 2010 إلى 759 مليون لكني اقول: إن رقم فقراء الطاقة المنتظمة Grid Electricity لازال فوق المليار، والسبب في بطء الوصول للهدف هو تراجع برامج الطاقة الشمسية إذ زادت حصتها المئوية في مزيج استهلاك الطاقة من 16.4 في عام 2010 إلى 17.1 في عام 2019وكان من المأمول أن تكون الزيادة تتدرج إلى قرابة الضعف.
لو حاولنا الربط بين التقريرين لاكتشفنا لأول وهلة خطأً منهجيا إذ إن هدف الطاقة للجميع يبدأ بتوفير الطاقة الاحفورية للمحرومين بما في ذلك توفير مواقد الطبخ الحديثة التي تستهلك الغاز النظيف بينما يستند تقرير وكالة الطاقة الدولية على إيقاف التنقيب عن الوقود الاحفوري وعلى رأسه النفط والغاز وذلك للوصول الي صفر انبعاثات كربونية، والمشكلة كما أسلفت ان تقرير الوكالة سيكون هو الورقة الأساس في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين المقرر في جلاسكو.
أين دولنا من هذه الاستعدادات؟
السؤال موجه بكل التقدير والاحترام لأصحاب السمو والمعالي وزراء الطاقة والخارجية والمالية الذين لا يساورني أدنى شك في انهم علي أتم الاستعداد لما ينتظرنا في جلاسكو، ولهذا أرجو أن أضع أمامهم بعض الوقفات التي أرى أهميتها ونحن نعد العدة لهذا المؤتمر:
الوقفة الأولى: إن شعار القضاء على فقر الطاقة بدأ في المملكة وحوله صندوق اوبك OFID إلى خطة عمل، كما ان صندوق التنمية السعودي أبلى بلاء حسنا في تنفيذ مطلب القضاء على الفقر في الطاقة ضمن مساعداته التي عمت جميع الدول النامية.
الوقفة الثانية: أن بعض القائمين علي رعاية تنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة وهو توفير الطاقة للجميع وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة يخلطون بينه وبين الهدف الثالث عشر من نفس الأهداف وتقرير وكالة الطاقة عن صفر انبعاثات يوحي بذلك أي أنهم ينظرون أحيانا للهدف السابع وكأنه إحدى الوسائل لتنفيذ الهدف الثالث عشر.
الوقفة الثالثة: كيف واجهت دولنا الأعضاء في صندوق اوبك OFID تحدي فقر الطاقة في المحافل الدولية؟:
في صيف عام 2012 عقد في ريو دي جانيرو مؤتمر الأمم المتحدة الذي عرف بريو زائد عشرين إشارة إلى أن الغرض منه متابعة ما تم تنفيذه منذ مؤتمر قمة الأرض الذي استضافته نفس المدينة عام 1992. وصادف انعقاده بداية التبشير بأهداف التنمية المستدامة ومنها القضاء على فقر الطاقة.
هاتفت بصفتي مديرا عاما لصندوق أوبك آنذاك معالي وزير المالية السابق الدكتور ابراهيم العساف لشرح وجهة نظر الإدارة فيما يخص مشاركة دولنا في هذا المؤتمر الدولي وقلت له: إن من الأفضل ألا نذهب صفر اليدين واقترحت أن نصدر بيانا نعلنه ونوزعه في المؤتمر من شأنه أن يرد على من ديدنهم توجيه اللوم إلى المملكه فيما يخص قضايا التغير المناخي وأرسلت لمعاليه مسودة البيان، عدل فيه ثم فوضني بتقديمه لمجلس وزراء اوفيد المقرر 12 يونيو 2012 وفعلا صدر القرار الوزاري برقم 3 من الدورة الثالثة والثلاثين بتوقيع رئيس المجلس يوسف كمال وزير مالية قطر رئيس تلك الدورة بالموافقة على إصدار البيان وهو مع القرار محفوظ في سجلات صندوق الأوبك. وكلاهما صالح للاعتداد والاحتجاج به.
تكّون الإعلان من 9 مواد كل مادةً تستحق مقالا مستقلا لكن المهم هو تأكيد دولنا على أهمية الطاقة في برامج التنمية وعلى استعدادها للمشاركة في القضاء على فقر الطاقة مع غيرها من المانحين وتخصيص حساب متجدد Revolving account بمبلغ مليار دولار ضمن موارد الصندوق المالية القائمة (بدون التزامات جديدة) كماًنصت المادة الرابعة علي نقطة هامة كأنها ترد علي تقرير وكالة الطاقة الدولية قبل صدوره حول دور الوقود الاحفوري في حل مشكلة فقر الطاقة وأوردها بالنص العربي والاصل بالانجليزية:
« يجب أن تكون الجهود المبذولة للقضاء على فقر الطاقة محايدة تقنيا، ففي حين توفر المصادر المتجددة حلولا ناجعة كلما ثبتت جدواها الاقتصادية لايزال الوقود الاحفوري يقدم مساهمةً هامة في إمدادات الطاقة ولاينبغي أن تحرم البلدان الفقيرة من الاستفادة من كافة مصادر الطاقة المتاحة.
ذهبت إلى ريو وأعلنت البيان في اجتماع حضره بان كي مون ثم أعلنته مرة أخرى في اليوم التالي في اجتماع موسع إدارته السيدة هلين كلارك رئيسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حضره عدد من رؤساء الحكومات والوزراء من مختلف الحقائب.
كان هذا الإعلان خطوة موفقة إذ لم يجرؤ أحد في المؤتمر علي توجيه اللوم المعتاد لدول الأوبك في قضايا التغير المناخي ومشاكل البيئة بل خرجنا من المؤتمر على أننا في اوفيد المنظمة الوحيدة التي أتت للاجتماع وبيدها خطة قابلة للتنفيذ، وهنا أود أن أشرك معالي وزير الإعلام بالوكالة بهذا الصدى الإعلامي الذي ينقص الكثير من جهودنا التي توضح كيف تضطلع حكومتنا الرشيدة بمسؤليتها الدولية نحو مكافحة الفقر بكافة صوره بقيادة رائد هذه الأمة نصير الفقراء والمستضعفين الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده القوي الأمين الأمير محمد بن سلمان.
إن مؤتمر الأطراف السادس والعشرين المقرر في نوفمبر القادم وما سيعرض فيه من أوراق أهمها تقرير وكالة الطاقة الدولية ما هو في كثير من جوانبه إلا مظاهرة سياسية إعلامية لا أشك اننا سنحضرها ونحن (القادرون على التمام) مستعدون لها بكل ما لدينا من موارد.
وللحديث بقايا. 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
سليمان الجاسر الحربش يسأل.. من يحمي أجندة الفقراء في جلاسكو؟

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق