((( أشرب وقتك حتى تثمل ٠٠ !! )))
الشاعر و الناقد العراقي كامل الدليمي ١٩٦٣م ٠
" أظافرك التي بقيت معلقة
بين فناءات الصخر
وأحراش النهر كضفادع
ضيعت المهرب
أنفاق الدنيا، تفضي لأنفاق
وغرور... تلك الجدران
المحبس يشرب خمرة عمرك
وفتاتك في طور النسيان
أحفر بين حوائط سجنك مسكن
وأفرش أيامك زغب حمام
وأجلس فوق ضياعك
ما رف ليومك جنح
ما حط على غصنك هدهد
وأظافرك الغضة والضجر
وبنات الليل الشرهات... يحصدن... سنابلك الغضة
يا... ويح عقاربها
تلك الساعات على عمرك ترقص ٠٠ " ٠
( من قصيدة : سجين )
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
من أرض الرافدين ، و من بابل الحلة بالعراق العراقة حيث التاريخ و التراث و الحضارة و الثقافة نتوقف مع قمة شامخة شموخ النخيل ، وقامة أدبية وشعرية تذكرنا بالمتنبي ، إنه الإنسان و الشاعر العراقي الصديق / كامل الدليمي ، عاشق مصر العروبة ، والذي يتردد عليها دائما ، و العديد من كتبه طُبعت بالقاهرة كان لنا هذا اللقاء المثمر بكافة مفرداته ٠
ولا يفوتنا أن ننوه إنه شاعر و عسكري يحمل العلوم العسكرية مثل البارودي رب السيف و القلم ٠٠
بجانب نبوغه الفكري و شعوره المرهف وثقافته اللغوية و الفلسفية و نظرته للحياة من كل أطرافها فكتب في الدين و الاجتماع و المرأة و الاقتصاد و التربية النفسية و الأدب و الشعر و النقد ٠٠ الخ هكذا ٠٠
نطالع إنتاجه الغزير ذات الفائدة بمثابة موسوعة إنسانية ٠٠٠
* نشأته :
-----------
ولد الشاعر و الناقد العراقي كامل حسن الدليمي في عام ١٩٦٣م بمدينة الحلة بابل العراق ٠
حاصل على بكالوريوس علوم عسكرية .
و بكالوريوس ادارة واقتصاد .
و بكالوريوس علوم قران .
و بكالوريوس لغة عربية .
ودبلوم علوم تربوية ونفسية .
--------
* صدر له :
(1) تاريخ العنف في الدولة العربية الاسلامية .
(2) قيد وطن / مجموعة شعرية / دمشق.
(3) عشيرتنا العراق ــ كتاب في الانساب ــ / ط1ـ ط2/ العراق .
(4) قراءة في مطارحات فلسفية / بيروت .
(5) اسلام الموت ام موت الاسلام ــ قراءة في الحركات التكفيرية في العراق والشام ــ / بيروت .
(6) عثرة سنونو / مجموعة شعرية / بيروت.
(7) الأديان السماوية شعبوية أم نخبوية / فلسفة أديان / الأردن .
( إبداع الغربة أم غربة الإبداع / نقدي / دمشق.
(9) لك وحدك اخلعني / مجموعة شعرية / بيروت .
(10) اشرب وقتك حتى تثمل / مجموعة شعرية / بيروت .
(11) خلخال الوقت / مجموعة شعرية / القاهرة .
(12) الذرائعية اليات مرتبكة / نقدي / القاهرة .
(13) المراة العربية بين التحرر والتحلل / علم اجتماع / القاهرة .
(14) تهافت الادب / نقدي / القاهرة .
(15) عقلنة الجنون / نقدي / القاهرة .
(16) ايرقص الرصيف / مجموعة شعرية / القاهرة .
(17) مغفلون بلا مصائد / نقدي / القاهرة .
(18) محاكم الحروف / نقدي / القاهرة .
ـــــــ
* الكتب المشتركة :
(1) موسوعة الاستشراق / مع مجموعة من الباحثين .
(2) كتاب جريدة الزمان الدولية / لسنة 2015 .
(3) اشكالية الهوية الثقافية .
ـــــــــــ
* له تحت الطبع :
(1) الاديان الوضعية .
(2) احزمة الريح / مجموعة عربية
(3) اشكالية الثقافة العربية والتهافت
(4) نكوص الشخصية العراقية بعد عام 2003 م ٠
* مختارات من شعره :
---------------------------
يقول شاعرنا كامل الدليمي في قصيدته تحت عنوان ( سجين...! ) و التي يجسد فيها تباريح وصراعات الحياة ملخصا لنا رؤيته الفلسفية وملامح الأوضاع فيصور الأوجاع ولحظات الانكسار متخذا من الأظافر الرمز في الانطلاقة ٠٠٠ :
أظافرك التي بقيت معلقة
بين فناءات الصخر
وأحراش النهر كضفادع
ضيعت المهرب
أنفاق الدنيا، تفضي لأنفاق
وغرور... تلك الجدران
المحبس يشرب خمرة عمرك
وفتاتك في طور النسيان
أحفر بين حوائط سجنك مسكن
وأفرش أيامك زغب حمام
وأجلس فوق ضياعك
ما رف ليومك جنح
ما حط على غصنك هدهد
وأظافرك الغضة والضجر
وبنات الليل الشرهات... يحصدن... سنابلك الغضة
يا... ويح عقاربها
تلك الساعات على عمرك ترقص
وتخط على مرسمك الكهل..
علامات استسلام...
وحدك تنزف حبرك
وحدك تحمل عنهم
وحدك... لا متسع لأحلامك
تمطرها مثل سراب
وفي جوفك ظمأ الكون مقيم
يا... كم حذرت أظافرك الهشه
رئة الطين!!
ونفخت بوديانك وسفوحك
حزن النايات
وبكيتك عند رسول الدمع
ضياع...!
ووعدك ببقية خمر في الكأس...
وقبلة جمر بفم الموقد
ووعدتك أن أمطر خوفك
ضمة أمن...
مازال بغيماتي وشل
وشتائي يقطر أوهام
ياه... ما عدت شقيا...
تحفر بأظافر وقتك صخر الحرمان
وتدس بمعطفها عطرك
تلك الغجرية ارخت للرقص حبائلها
وأظافرك القصبية
عبثا تحلم بالطين
....
الحلة
٣ أيار ٢٠٢١
مختارات من شعره :
***
و نتأمل قصيدة بعنوان ( قطة ) حيث يوظف الرمز و الاسطورة في عملية اسقاطية في اقتحام مداخل الحياة في مواقف ومشاهد بهلونية بين الماء وجلجلة الطين أصل الحياة
سلاما... أيتها القطة
لا زيت بمقلاتي
والسمك الشائه... في فمه نار
أيتها القطة رفة قلب
ورصيف يفترش الذكرى
كل الأشياء عتيقه
حتى أجنحة اللذة شمع ظلام
اوقدها العميان
تذوب لآقصاه
وأنا لحن بفم الناي غريب
يا ويح الريح
تنازعني قهقهة اللحن
وتنزع من رأسي عش الثلج
الشارع مكسور جبين
الشجر القابع ما بين الماء وجلجلة الطين ، و الشط و الرماد و بنات الليل وخطى العميان مثل أنشودة المطر عند السياب هالة من التصاوير لصدى محاكاة الإنسان في فرض السيطرة و القوة و عودة اليأس و الضعف في تباين لموكب ومظاهر الدنيا فيقول كامل الدليمي :
عصافير الليل هنا ترقد بسلام
والشط مدامعه مثل رماد
الماء وصوتك في سمعي
وبقايا الأرواح
لا آية في وجهك تعصمني
لا سجدة تأخذني لخشوع
واصابعك الثلجية تلعب بالنار
سلاما... أيتها القطة
الف سلام.
***
و ينطلق بنا كامل الدليمي في قصيدته بعنوان ( انفصام ) من وحي البيئة في الحلة البابلية يرسم وطنه و الحنين مع خصائص طمي هذه الأرض وجمال الشط ينتظر بعد القلق ومضات الصبح :
كي أطعم هذا البلبل
واقرب للتين مناقير
وآكل من عشبة شط الحلة
من خد الطينة...
خبز خلود
اريد امرأة
تصنع من وجعي آلهة تتعبدها
وتقبلي بفم الجرح عقار
ولكي أخرج من وحل الاحزان
بساق واحدة
توسمني عند الصبح بمبسمها
تمسح عن وجهي آثار الظلمة
من لي بامرأة اتعكزها واقوم فتيا
تملأ مائدتي رقصات شرقية
وتزقزق فوق سنابل حقلي
كالحنطة ذهبية الوان
يا... امرأة الجوري
كان علي الإمساك بعطرك
حين تبختر مزهوا برئاتي
فانا مشلول الرئتين
أسير بواد ذي ظلمة
لولا خدك ضاعت خطواتي
العالم مقهى عميان
القهوة من حنظل
والمطر القابع في رحم الغيم... سراب
من لي بالكأس المترنح
بين الدن وكفي
ولتفني كل مواويل الرعيان
......
الحلة
شطها ليلة الاربعاء
٢٦ أيار ٢٠٢١
***
و نختم بهذه القصيدة لشاعرنا العراقي كامل الدليمي تحت عنوان ( تداعيات ) تفوح بالتداعيات الفلسفية و تعج بالاستفسارات نحو أحقاد العالم و يناشد دعاء الأم كي يتساقط نظرا من غيمة الخلاص الأخضر الوديان من جديد حيث الماء و القمح ثورة نجاة ومناجاة معا :
على حفرة بلا شفاه
تتدلى مثلَ الخرف
وصباك كلاب تعوي
يا للأطلال ومجازفة الأعراب
المنسلين من الرمل أفاعٍ
طينك يكفر بالماء
يصبأ عن دين طبيعته
يتحجّر
وبقايا من وحي صباك
وأمك تكنس أحقاد العالم
من وجع يغزل كان أبيك
حبال بقيته
والدينار عنيد جدا
السنبل قرر ألا ينضج
حتى يثمل من دمك الحنظل
وجراد خلفك
حتى الصبح جراد
الليل جراد مضجعك عليه يدور ذباب
والاكتاف الطينية حبة قمح
فلأي الافواه تصير؟
أمك والغيمة ودعاء مخنوق
هل تمطر محنتها الليلة
ويبرعم خبز من جمر التنور
وتجنح للسلم حروب العثرات
الطرق الظلماء ذئاب
الطرق ضباب
وأنا العربي القط
ولدت بلا بصر
أبصر حين أشم امرأة
تتحسس خارطة حروبي
تمتد على طولي كالساتر
تلبسني قصمان مبتلة بالخوف
وتواعدني تحت رداء الحرب
ودمي يتفرق بين قبائل ليست عربية
قتلوك وما زلت فتيا
لا... كفك قيد الحناء
وروايتك الكبرى هرمت فوق العادة
جنازتك العالقة بحقل الالغام
ملامح موتك وسط ضياعك
حيرتك الايام تلاحقها
مَن أنت لتبحث عن مأوى
رأسك منسأة يأكلها النسيان
وخطاك العمياء
دروبك مظلمة ومريديك كسالى
عربي أنت
أضعت محجتك البيضاء
من أنت لتسبح بالماء ؟!٠
* * *
هذه كانت بعض المحطات في عالم شاعرنا العراقي كامل الدليمي والذي توغل في كافة الاتجاهات بنظرات فلسفية و ربقات صوفية و مقاطع غزلية تعكس أحاسيسه الصادقة المؤثرة و تأملاته في تلك الحياة بنظرة شمولية جمالية في لوحات مكتملة العملية البنائية الجمالية في ألوان و أخيلة ترسم المنحنى لنهاية المطاف فجاء شعره قناديل تشرق من أغوار النفس كي تختزل التجربة الذاتية في دفقات استثنائية وايقاعات تستحوذ أوتارها الشجية لتجسد عالم حالة الصراع في أرض الرافدين و تستلهم القصص و الحكايات من بابل وسومر و اشور معرجا على مأساة هارون الرشيد، كي تكتمل نافذة التراث و الحضارة و العلم بمثابة مدخل لقراءة شعره و عنوان قصيدته ، و من ثم نراه هنا ينهض بعملية الإبداع الفني الجميل دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
