السبت, 30 ابرايل 2022 03:08 صباحًا 0 402 0
يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين " /
يوميات من قريتنا الحبيبة

يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين " /

السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
=============
((( ينعل أبوك يا ظابط - شاعر الربابة - جاموسة عمتك الحاجة فُضة - عمك الريس مسعد : أبيض النحاس )))
أيها الأصدقاء الأعزاء كل عام وحضراتكم جميعا بخير وسلام بمناسبة انقضاء رمضان وحلول عيد الفطر المبارك أعاده الله عز وجل على أمتنا العربية و الإسلامية بالخيرات و الأمن و السلام ٠
باديء ذي بدء الحديث عن يوميات قريتنا الحبيبة - أبو سكين - ذو شجون ولَمَ لا وهى قد عاشت فترة قديمة في السياحات قبل تجفيف الأراضي واستصلاحها وتوزيعها على أصحابها من قبل ، أضف إلى علاقاتها القوية بمنطقة براري الحامول وسط تحديات بيئية وظروف اجتماعية سطرت أحداثها في تلقائية هكذا ٠٠٠
هذه الأحداث تعود إلى منتصف السبعينيات من القرن المنصرم ٠
* ينعل أبوك يا ظابط :
----------------------------
كانت توجد مقهى في قريتنا يتجمع فيها شباب القرية يشاهدون مباريات كرة القدم و المسلسلات و الأفلام على بطارية قبل دخول الكهرباء القرية حيث كان التليفزيون الأبيض و الأسود يتوقف أرساله وبثه مع الساعة ١٢ ليلا و الجميع يستيقظ مع الفجر ٠٠
و بعد حرب ٦ أكتوير ٧٣ كانت الدوريات تمر من نقطة شرطة ناصر و مركز بيلا وشعبة كفر الشيخ للدواعي الأمنية ٠٠
وذات ليلة هجم بوكس سيارة الشرطة وحاصر المقهى و ربط الضابط كل مجموعة مع بعض من أيديهم - وقد حظّر من السهر ليلا - واصطحابهم إلى بيت عمي الشيخ جعفر شيخ البلد و كنت ُ سهران أنا و المهندس علاء في البيت ووجدنا كشافات يمنة و يسرة و الضابط ينادي يا عم الشيخ جعفر فخرجنا و نتابع الموقف واستيقظ عمي الشيخ جعفر و قال علشان خاطري اتركهم المرة هذه فقال انا حظرتهم كذا مرة ٠٠
و قالت عمتي الحاجة غالية فكهم واتركهم يروحوا ٠٠
و أوعوا تسهروا بعد كدة علشان الحرب وطيران إسرائيل الذي ضرب القربة السنة اللي فاتت
فقال شيخ البلد هذا ابن فلان وفلان و كل واحد يقدم له عذره ٠٠
و عندما أطلق سراحهم انطلقوا ٠٠
و كان فيهم المعلم شوقي محمد أبو حسن وكان حلاق له صلة طيبة بالجميع٠٠
لكنه مشاكس شوية فتعنته الضابط و يريد أن يعرضه على مركز بيلا و النيابة ٠٠ فتوسط عمي الشيخ جعفر مداعبا رجال الشرطة :
أنتم هتأخذوا حلاق شيخ البلد ٠٠
فأطلق سراحه و عندما ابتعد عنهما بضعة أمتار وقف الريس شوقي وصاح قائلا عدة مرات :
( ينعل أبوك يا ظابط )
قال الظابط: شفت يا شيخ البلد ٠٠
قال له شيخ البلد معلش أنا بنفسي في النهار هقطع وشه ٠
* شاعر الربابة عمك عبد السلام :
------------------------------
( مرحبا برجال الأمن ٠٠ !! )
كان شاعر الربابة عمك عبد السلام يأتي في المواسم كل عام يمكث فترة في القرية ويحكي قصة أبوزيد الهلالي والزناتي خليفة في بوفية عمك الحاج سعد أبو حجازي عند محطة القطار بأبو سكين ٠
وأعدوا له منصة عالية وكرسي خاص به و كان يدير المقهى الريس محمد عبد السميع وكان منظما جدا ٠٠
و اكتظت المقهى بالناس و لا يوجد كرسي شاغر وجلسنا على الأرض على القش المفروش و تجمعت النساء خارج المقهى حيث القرية كلها أسرة واحدة أقارب وهذا الأسبوع بمثابة مهرجان للشعر الشعبي والقصص وربما هذا هو المتنفس الوحيد و المتاح
و تم توزيع المشروبات
وكنت أشرب سحلب مخلوط مع الكركدية نتناوله بالملعقة الألومنيوم وسط الزحام على نور الكلوب ٠٠
فجأة دخلت دورية الشرطة ٠٠
فرحب الشاعر بقدوم رجال الأمن ( مرحبا برجال الأمن )
فما كان من الضابط إلا نهره وجذبه من مجمع ثيابه وأخذ الربابة ٠٠
وقال مش هتبطلوا سهر بقى ٠٠
تدخل أهل الحل والعقد و انهوا الأزمة وانفض المولد ٠٠
لكن القرية صممت فأخذت الشاعر بعد ذلك في بيت عمي الحاج محمود شحاتة عبد السلام وهو بيت مبني جديد كبير لم يسكن بعد آنذاك بجوار بيت عمي الحاج موسى في الحارة الشرقية من المسقى ٠٠
وظل شاعر الربابة عبد السلام الزائر لقريتنا يواصل قصة أبي زيد الهلالي و كانت النساء على مرشحات المياه يسردن حلقات القصة و الحكاوي في حفظ ومتابعة جديرة بالتوقف وهذا قبل دخول التلفزيون للمنازل ٠٠
* جاموسة الحاجة فُضة وضرب النار عند قرية ١٧ المنصور :
-----------------------------
( تبادل الطرفان ضرب النار حتى ماتت الجاموسة ورجعنا بالبقرة )
كانت القرية متجمعة داخل زمام منطقة الترعة و السكة الحديد عند محطة القطار و تم إنشاء منزل عمتنا الحاجة فُضة أم عيسى خارج نطاق القرية على أطراف طريق أبو سكين التفتيش حيث لا يوجد فيها بيت مقيم غيره بعيدا عن التجمع مما أدى ذلك لطمع الحرامية و اللصوص الذين يأتون من أماكن بعيدة ٠٠
وكانوا يرصدون البيت في النهار فذات صيف ليلة غير قمرية هجم اللصوص و سرقوا جاموسة وبقرة أم بكر خلسة فنتبهت لهم و معهم أسلحة قوية وهم بضعة لصوص ٠٠
فانتظرت مليا حتى خرجوا و ابتعدوا ثم صرخت فتجمع أهل القرية من حولها و خرجت القرية عن بكرة أبيها و معهم السلاح و العُصي سيرا على الأقدام و كان عمي الحاج فهمي أبو غزالة عنده سيارة و الحاج حمودة عبد المقصود سيارة أجرة أربعة باب و بعض سيارات نصف نقل حديثة أربع خاطف و جرارات روسي زراعية وأعدوا خطط و أكمنة عن طريق مظلة أبو سكين ق ١٢ المنصور و طريق الابعادية و قد سأل عمي الحاج سرور بعض الخفر الذين على المزارع عن خط سير الحرامية فرفضوا الإفصاح عنهم خوفا من الفتك بهم لاحقا فضربهم و كان في أصابعه خاتما فشج وجه أحدهم و قال لهم أنتم شركاء معهم و سوف أسلمكم إلى مركز بيلا فارشدوه أنهم اتجهوا صوب طريق أم العمر ٠٠
و قدالتقى الجمعان عند قرية ١٧ المنصور ودارت رحى المعركة بين اللصوص و أهلنا حيث كان مع أهلنا قرابة مائة بندقية صيد وحراسة و هم معهم الرشاشات و يضربون ضرب خوف وحرفة و كاد الركب يمسك بهم ٠٠
فما كان من الحرامية إلا امطروا الجاموسة بوابل من نار فأردوها قتيلا حيث معهم رشاشات و طلقات عشوائية في الهواء ولاذوا بالفرار ٠٠
و انشغل الموكب بالبقرة التي نجت ٠٠
وهذا يعد انتصارا سمع به القاصي والداني و يحمد كل هذا المشهد و الجرأة للقرية صغارا و كبارا من خلال هذه المواقف على قلب رجل واحد فقد تعودوا كل هذا من خلال المعيشة في السياحات وصيد الأسماك و الطيور الحرة ورعى الحيوانات ٠٠
وظل هذا الحال جميلا سنوات لا يستطيع أن يتسلل إلي قريتنا لواذا أي خارج عن القانون و لم يتم سرقة ماشية واحدة قط ٠٠
و من ثم نؤرخ لهذا الحدث الذي ظل عالقا في الذاكرة حتى اليوم شاهدناه بأم أعيننا عن كثب منذ نعومة أظفارنا ٠٠
و من ثم نحتفي به مثل المناسبات الاجتماعية نروية للأجيال من باب الشجاعة والبطولات و التمسك بطقوس قريتنا الحبيبة ٠
و الله وكأننا نعيش هذه اللحظة الآن نستحضر الأحداث جلية في حب وود و قرب الكل ضحى وجاد بنفسه دون حسابات ٠
* عمك الريس مسعد و تبيض النحاس :
------------------------------
( أبيض النحاس و أنا كمان )
عمك الحاج مسعد و عياله ٠٠
كان يأتي من ناحية المحلة الكبرى كل عام يقضي شهرا في قريتنا لتصليح و تبيض النحاس و الحلل والطشوت ٠٠٠ الخ ٠
و ينصبون خيمة في السبخاية و عند الجامع القديم و نتجمع بجوارهم في حلقات و هم يضعون المادة سحرية في الطشت والحلل ويقفون فيها متحزمين بحزام و يضعون أيديهم على رؤوسهم وفي وسطهم و كأنهم في طقوس خاصة بهم و يرقصون يمنة و يسرة و يغنون ويردوا على بعض و يفركونها فتنجلي و كأنها جديدة نوفي ٠٠
و نحن نجتمع من حولهم في حلقات نتفرج عليهم
و أي ثقب أو شرخ في الأواني يدقوه حتى يتم رتقه أحسن من الأول و يبرق و يلمع النحاس في حالة ممتازة ٠٠
و يطبخون على الكانون في الشارع ٠٠
و يمرون على البيوت يجمعون طعام العشاء من جميع الأصناف في حلة واحدة كبيرة ٠٠
و الشيء الذي كان يلفت نظري أن عمك الريس مسعد و أولاده لا يقرؤون و لا يكتبون و يوزعوا الأواني والمواعين على البيوت بدون علامات أو كتابة أو شرطة قلم ديكو دون لخبطة أو تداخل أو ضياع ٠٠
نعم كان و أولاده ناصحين يعرفون التفريق بين حلة كل واحد دون كتابة أسماء أصحابها ٠
انقرضت هذه الحرفة و المهنة اليوم رحم الله أيام زمان الحلوة البسيطة ٠٠
هذه بعض من صفحات و يوميات وذكريات قريتنا الحبيبة أبو سكين نرويها في بساطة و تلقائية لتلك الأجيال ليعرفون أساليب الحياة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله
سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين " /

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق