من العدد الورقى:"الجذام" ينهش أجساد أهالى قرى بكفر الشيخ
مواطنون يهجرون القرية ومستعمرة "أبو زعبل" مستقرا للعشرات
كتب - يوسف أبو ريشة
"الروس"، و"خليج بحرى"، وخليج قبلى" من توابع الوحدة المحلية لقرية "برمبال" مركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، تعداد سكانها يقترب من 30 ألف نسمة، مهنة الأهالى هى زراعة الأرز والعمل بالمزارع السمكية.
منظمة الصحة العالمية نفذت بها مشروعات صحية لمكافحة مرض البلهارسيا، ولكنها لم تكتمل، يتعرض أبناء القرى لأمراض أخرى أكثر فتكا، فكان للفشل الكلوى وأمراض السرطان نصيب أكبر، وأخيرا مرض "الجذام" الذى طال الكبار والصغار، ما اضطر بعض من أهالى القري لهجرتها، أو العيش داخلها فى عزلة من باقى المواطنين، فلا "كلام ولا سلام" مع المصابين خوفا من انتقال عدوى المرض.
تقول "صباح ا. ع، 53 عاما من أهالى قرية الروس، منذ 5 سنوات، شعرت بوجود ورم فى أنفى، أجريت له عملية جراحية، وبعدها طلب منى الطبيب تحليلا، لأكتشف بعدها إصابتى بالمرض، وتم تحويلى لمستشفى الجذام بكفر الشيخ، ليتم علاجى بشريط حبوب "أحمر" باﻹضافة ﻷنبوبتين من المرهم، أشعر بدوخة وهبوط دائم بعد تناول أى طعام وتنميل فى اﻷذرع، نظرا لاصابتى بالمرض اعتزلت التعامل مع الجيران، "وعايشة فى حالى"، توفى زوجى، وأعول أبنائى ببيع بعض الحلوى، ابنى "سامح" معاق ذهنيا وابنتى"صبرة" متزوجة ومصابة أيضا بالمرض.
حكاية أخرى ترويها "سعيدة" 55 عاما، زوجى مريض بالجذام وليس لنا مصدر دخل، وأوﻻدى خمسة ذكور وبنات، متزوج منهم اثنان ومصابان بالمرض ولدى كل منهم خمسة أبناء بعضهم مصاب أيضا، ومصدر دخل اﻷسرة العمل بالمزارع السمكية نظير مبلغ زهيد، ونسكن فى منزل معروش بالبوص ومياه الأمطا تغرقنا في الشتاء.
وتضيف "سعيدة" منذ خمس سنوات وانا مريضة عندما ذهبنا للطبيب بمدينة مطوبس اخبرنى بإصابتى بالمرض وتم تحويلى مسشتفى كفر الشيخ للجذام لا يتم اعطاؤنا العلاج بالكامل وما نريده غير متوفر بالخارج، وان توفر فليس معنا ما نشتريه، وعن أعراض المرض تقول
لا أشعر بأى احساس فى جسمى "ولو قطعت منه بسكين لا اشعر".
الطفلة "أسماء" بالمرحلة الإعدادية بمدرسة القرية، ومصابة بالجذام، تقول "صحباتى بيخافوا منى ومش بيتكلموا معايا"
يشاركها الشعور "عبده"، 22 عاما، طالب بجامعة اﻷزهر، يقول أصيبت بالمرض منذ ثلاث سنوات وأخشى إخبار أصدقائى وزملائى حتى لا يبتعدوا عنى وأنا حريص ألا أنقل العدوى لهم، والداى لا يكفوا عن البكاء بسبب مرضى، ونويت الإرتباط بإحدى الفتيات ولكننى تراجعت بعد الإصابة بالمرض.
صالح عشوش، أحد الشباب بالقرية الذى أصيب بالمرض اللعين، وصاحب تذكرة العلاج رقم 1776 ولكنه يقاوم المرض رغم الآلام النفسية والجسدية التى يتعرض لها سواء من الجيران أو القائمين على الصحة بكفر الشيخ متحدثا عن سوء المعاملة بمستشفى الجذام بكفر الشيخ التى تكتفى بصرف شريط للمريض وتتركه لينهشه المرض، مضيفا أن ما يقرب من 10 أفراد من القرية يتواجدون بمستعمرة أبو زعبل للجذام.
ويطالب عشوش بالرعاية الإجتماعية والنفسية للمرضى، لما للمرض من تأثير على الصحة والحالة الجنسية للمريض.
مريضة أخرى بالقرية أقعدها المرض وتآكلت أطرافها إلا القليل لا تجد ما يقوم على خدمتها أنهكها المرض والفقر وتقيم بغرفة وحيدة وحدها تنتظر الموت أو عبثا تحاول السفر لمدية كفر الشيخ لعلها تجد من يشفق عليها ويعطيها شريط مسكن يخفف من آلامها.
التقينا كمال محمد المسماري بمركز معلومات الإدارة الصحية، الذي نفي نفيا قاطعا وجود أي حالات جذام في مطوبس كلها فى الوقت الذى أكد فيه أحمد جلال منسق عام جمعية أصدقاء مرضي الجذام، وحمدي الفقي أمين عام الجمعية، أن عدد المرضى في تزايد،
فأكدوا لنا أن عدد المرضي بقرية الروس وغيرها في تزايد كبير، وهناك حالات أخرى لا نعرف عنها شيئا، وبالتالي عدم أخذ علاجات له ما يعني سهوله نقلهم للعدوي، مطالبي بضرورة إنشاء مركزين لعلاج الجذام واحد في وجه بحري والثاني في وجه قبلي للسيطرة علي المرض ومنع انتشاره.
أكد مصدر طبى مسئول بمديرية الصحة بكفر الشيخ، أن مرض الجذام من الأمراض المعدية عن طريق التنفس من خلال العطس، ولكنه ينتقل بعد المخالطة المباشرة التى لا تقل عن 30 عاما، مضيفا، "المرض معدى، ويؤدى فى مراحله المتقدمة لتآكل فى لأطراف، ولا يقتصر انتشاره على القرى فقط، ويتناقص سنويا نتيجة الاكتشاف المبكر للمرض والتدريب المستمر للأطباء، مؤكدا أن الحالات تحت العلاج الحالى حوالى 60 حالة وهو المكتشف ويتم علاجة، بخلاف الحالات التى تمت علاجها، وهى أكثر من ألفى حالة".