الاربعاء, 15 ابرايل 2020 01:52 صباحًا 0 5837 0
" فاطمة تعلبة " الفلاحة الفصيحة التي سبقت عصرها.!

كتب ـ سمير البحيري

فاطمة محمد نوح " فاطمة تعلبة " في مسلسل " الوتد " الشهير انتاج 1996 ، تأليف ابن أخيها الأديب الراحل خيري شلبي، من قرية شباس عمير مركز قلين محافظة كفرالشيخ، والتي جسدت الفنانة الراحلة هدى سلطان دورها في المسلسل، وبالمناسبة، هدى سلطان هي من كفرالشيخ أيضا من قرية أسمها " عباس الحو" تابعة لمركز الرياض، وكانت ملكا لجدها في أوائل القرن الماضي، وتتفرع العائلة في " مديرية الغربية "، وكانت تتبعها كفرالشيخ تحت " اسم "الفؤادية " نسبة إلى الملك فؤاد ، واسم هدى سلطان الحقيقي " بهيجة عبدالسلام محمد الحو، وكان جدها واشقائه يمتلكون زمام من آلاف الأفدنة يمتد من طنطا إلى شمال كفرالشيخ، إلى أن أندلعت ثورة 23 يوليو، ليختفي معها عز عائلات وطنية عريقة.

ونعود لفاطمة تعلبة، والتي تزوجت في عائلة عكاشة الشهيرة، فهي أول من طبقت العزل عند وقوع وباء الكوليرا في مصر عام 1947، على منهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالحجر والعزل، وضربت بيد من حديد على من يخالف أوامرها، فكانت تتمتع بكاريزما طاغية، ورغم وجود عمدة شباس عمير وقتها، إلا أن أهل القرية، كانوا يلجأون إليها لحل مشاكلهم، بعمل " قعدة عرب " بحضور فطاحل القرية، تكون كلمة فاطمة تعلبة هي القول الفصل، نهاية القعدة وما تحكم به لابد وأن يمشي على الكل، كما يروى حفيدها عبدالباسط عكاشة، الذي يتمتع بصحة جيدة للآن، ويقوم بفلاحة أرض والده وجده، التي سبق وأشرف عليها الحاج درويش نجل جدته فاطمة.

فمجرد أن نمى إلى علمها أن وباء الكوليرا تجتاح الدلتا، قامت بغلق المنور المؤدي إلى السطوح، بالخشب والمسامير، وطالبت الجميع بالتزام غرفهم، والغُسل مرات عديدة يوميا بصابون الفنيك المطهر، مثل الكلور الآن، رغم أنها كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب، ونجحت خطتها المحكمة بحفظ أسرتها وأهل بيتها وعائلتها، على الرغم أن أهل شباس عمير فقدوا 7 من أبنائهم بسبب الكوليرا، وكلنا يحفظ المشهد الشهير في مسلسل " الوتد " والذي تتناوله السويشال ميديا الآن على نطاق واسع، وتشديدها عليهم جميعًا بتعليمات صارمة، حتى لا يصابوا بــ " الكريرة " هكذا أطلق على الكوليرا وقتها هذا الإسم، بمعنى أنها تأتي " لتكُر في الأهالي " أي تعدهم عدًا كأموات.

ويقول حفيدها عبدالباسط في حوار سابق لموقع " مصراوي " أن جدته كانت تمتاز بشيئين اثنين، بقت مُصممة عليهما إلى أن وافتها المنية 1970، وتوارثها جميع أبناء العائلة وهما "الحق" و"الأرض" وكانت تكره الفتنة والتفرقة بين الناس، وعندما يخالف أي من أبنائها وزوجاتهم الحق فلابد من العقاب.

ويتابع عبدالباسط قائلا: من حبها للأرض، كانت دائمًا توجه أعمامي للحرص عليها وإذا علمت أن هناك جارًا له أرض مجاورة لأرضنا وأخذ " ردم ناشف " للردم من أرضنا كانت تحرم جميع أفراد الأسرة من تناول وجبة العشاء وتأمرهم بالنوم، وأتذكر موقفًا إلى الآن لم يمحَ من ذاكرتي، كانت " العرسة " أخذت فرخ دواجن من تربيتها في البيت، فرأتها جدتي فحملت بندقية جدي محمود وأطلقت صوبها عيارًا ناريًا من البندقية فقتلتها والفرخ لم يصيبه شيء، فقلت لها وقتها "فيه إيه يا ستي" فردت علي وقالت لي:"مفيش يا ولا تبقى علامة من علامات الساعة لما يتاخد فرخ من فراخ فاطمة تعلبة" وقررت حرمان أفراد الأسرة كلهم من تناول وجبة العشاء، في هذه الليلة، لأن " العرسة " تجرأت وخطفت فرخا من فراخها، وهم عنه غافلون.

رحم الله فاطمة تعلبة، التي حافظت على قيمها حتى وفاتها، وتركت لأهلها وقريتها إرثا كبيرا، وضح بشدة عندما توفيت أحد أفراد قرية شباس من أيام قليلة بفيروس كورونا، ووقفوا لها إجلالا، بتشيعها لمثواها الأخير، فأين نحن الآن من فاطمة تعلبة ومبادئها التي لم تحيد عنها طوال حياتها.

التزموا منازلكم واعملوا بتعليمات، فاطمة تعلبة، التي طبقتها قبل 73 عاما وأخذت بالأسباب ونجت هي وأهل بيتها.

 
سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
" فاطمة تعلبة " الفلاحة الفصيحة التي سبقت عصرها.!

محرر الخبر

1 admin
محرر

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة